recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

سفاح المهندسين احمد المسيري

 

سفاح المهندسين احمد المسيري

عالم الإجرام والقتل عالم مثير لما ينطوي علي رعب وتشويق رغم أنه عالم صغير جدا إلا أنه يجمع بين الخير والشر بين الفضيلة والرزيلة بين العدل والظلم بين القوة والضعف إنه عالم يعكس الحياة البشرية بأكملها ، والمجرمون إما أن يكتسبوا إجرامهم من تجارب مروا بها وإما أن يكونوا مجرمين بالفطرة .

هذا هو حالنا مع أحمد حلمي المسيري القاتل الذي كان يقتل لإشباع حاجته النفسية دون ادني شعور بالندم ، ورغم توافر مباهج الحياة الرغدة له ، فهو ابن لواء معاش ولدي أسرته عدة مصانع ويسكن في شقة فاخرة ، ولديه سيارة حديثة وموتوسيكل وحصان سباق وحاصل علي تعليم أجنبي شهادة G.C.E.  ويرتاد أرقي نوادي القاهرة والجيزة مع أبناء الطبقة الراقية ، ومن الغريب أن كل من تعامل معه يشهد له بحسن الخلق فهو شاب مهذب جدا ، وأنيق جدا وهادئ الطبع وسخي لا يبخل علي العمل والخدم أبدا .

أشعلت قضية أحمد حلمي المسيري الرأي العام سنة 1991 م بعدما قتل مليونير وزوجته والخادمة وأطلق النار علي حارس العقار وسيدة من الجيران وبعض المصلين ، وأطلق عليه الناس والصحافة سفاح المهندسين ، رغم أنه حير رجال المباحث كثيرا حتي تم القبض عليه سنة 1994 وحكم عليه بالإعدام في نفس العام .

حياة سفاح المهندسين الاجتماعية كانت سيئة ، انفصلت والدته عن والده وهي حامل فيه ، عاني من هذا الانفصال في طفولته وشباب ، ورغم حب والده له إلا أنه كان يعامله بشده وقسوة ، فرفض إلحاقه بالمدرسة الجوية عام 1983 ، وكانت أول جريمة عرفناها ارتكبها سفاح المهندسين هو سرقة فيلا الفنانة مها صبري وبداية انحرافه الإجرامي ، كان يبلغ 14 عام عندها ، وبعدها اتهم في عدد من قضايا السرقة وقضي فترة حبس من عام 1986 الي عام 1989 .

يقول أحمد حلمي في اعترافاته : " أنا مجرم لا أستحق أن يتعاطف مع ي أحد. قتلت مع سبق الإصرار بهدف القتل لا السرقة ، لا تفسروا أفعالي بأنها نتيجة تفكك أسري ، أنا المسئول عنها وحدي ولا ذنب لأسرتي ولا أسباب نفسية دفعتني إلى ذلك كما لم أشعر بتأنيب الضمير إلا حين قتلت الشغالة ، أما المليونير وزوجته فنسيتهما تماما ، كنت أحلم بأن أكون طياراً ،  الآن أحلم بالطيران أيضا ، إلى ما لانهاية ، إلى حبل المشنقة ، حطم والدي حلمي ومنعني من الالتحاق بالثانوية الجوية بعدما كنت قدمت أوراقي فيها عام 1983 ، كان مستقبلي سيتغير تماماً لو دخلت الثانوية الجوية ثم كلية الطيران، لكن أمي التي انفصلت عن أبي وهي حامل بي اتفقت معه على منعي من ذلك ، أحسست بعد ذلك بأنني محطم وأصبحت مخلوقاً مختلفاً تماماً. كنت أفكر بمفردي في اغتيال شخصيات معروفة أو في تفجير سفارات أجنبية...

لم يكن أبي صديقا لي البتة ، حاولت كثيرا خلق التفاهم بيننا إلا أن محاولاتي باءت دائما بالفشل ، كان يحبني كثيراً لكنه كان عنيفا جدار ،  كان ثمة الكثير من المشاكل العائلية في منزلنا وأحسست وقتئذٍ بأنني أريد الخروج من مصر فسافرت إلى العراق ، بمجرد نزولي في مطار بغداد ركبت التاكسي متوجهاً إلى مركز تطوع في الجيش العراقي لمحاربة إيران ، تابعت تدريبات خاصة منتقلاً بالفعل إلى جبهة القتال حيث حاربت لثلاثة شهور لكني خفت على والدي فعدت إلى مصر " .

بدأت قصة القتل الدامية عندما عثر علي جثة المليونير حامد مندور يوم 7 إبريل 1991 مقتولا في سيارته بأحد المناطق النائية في العجوزة ، وعثر علي جثة زوجته وخادمته مقتولان بشقته بالمهندسين ، تم تشكيل فريق بحث جنائي لمعرفة ظروف وملابسات الجريمة ، بدأت بسؤال حارس العقار وبعض الجيران الذين أطلق السفاح عليهم النار ولم يصيبوا ، والذين أدلوا بأوصافه " شاب أبيض طويل ونحيل وأنفه طويلة " ، تم البحث في لائحة المسجلين ثم توصلوا الي المهندس رأفت وشقيقه الصيدلي الذي كانت تربطهما علاقة مع المليونير ولكنه أبلغ عنهم وتم حبسهم بتهمة الاتجار في المواد المخدرة ، وقد أفادوا في استجوابهم أنهما لا يعلما شئ ولكن هناك شاب يدعي أحمد كان محبوس معهم من فترة وقد تحدثا معه عن المليونير .

حاول السفاح أن يقوم بعملية كبيرة يؤمن بها مستقبله ومستقبل زوجته وبعدها يقلع عن حياة الإجرام فكانت خطة القتل أن حاول السفاح سرقة شقة المليونير عن طريق كسر الباب ولكنه فشل ، وبعلم المليونير ذلك أبلغ الشرطة ، وفي اليوم الثاني ارتدي السفاح ملابس رجل شرطة وقابل المليونير أمام منزله وطلبه الي قسم الشرطة لسؤاله حول بلاغه بسرقة شقته ، فركب معه السيارة وفي الطريق في منطقة نائية أطلق عليه النار من مسدس به كاتم صوت وبعدها نزل من السيارة واستخدم مطفئة حريق السيارة في إخفاء بصمات يده ، بعدها ذهب الي الشقة وضرب جرس الباب ، فتحت الخادمة وعندما دخل أطلق الرصاص علي الخادمة وزوجة المليونير فقتلهما وسرق الشقة وهرب ، وأثناء هروبه رأته سيدة من الجيران فأطلق عليها النار أصابها ولم تمت ، وأطلق النار في الهواء لإرهاب حارس العقار وبعض المصليين الذي تصادف خروجهم من المسجد ، وفر هاربا وهو علي يقين أنه لم يتعرف عليه أحد .

يقول أحمد : " الخطأ الوحيد في الموضوع هو رأفت. تصوّرت أن رجال المباحث لن يشكوا فيه لأنه لم يكن يعرف خطتي لقتل المجني عليهم وأنا لم أشركه معي " ، مضيفاً : " أنا قتلته بالفعل مع سبق الإصرار حتى في حال نجحت في السرقة كنت سأنتظره وأقتله ، القتل صعب وخاصة السيدات ، لكن كان هدفي قتل الرجل وزوجته فحسب وحين أقرر شيئا لا بد من أن أنفذه مهما يكن الثمن ، أما الشغالة فحظها سيئ لأنها تنصرف عامة آخر النهار ولا أعرف ما الذي جعلها تبقى تلك الليلة للمبيت " .

علي الرغم من أن سفاح المهندسين لم يتحدث مع أي شخص إطلاقا عن نواياه الإجرامية ، إلا أن ما لم يتوقعه هو أن يتم إستجواب رأفت رغم أنه محبوس ، فكانت المفاجئة أن اقتحمت المباحث شقة السفاح في المعادي وألقت القبض عليه ، فلم يكن وقتها خائفا من شئ سوا خوفه علي زوجته التي تعرف عليها وهي متزوجة ، وتزوجها بعدما انفصلت عن زوجها الذي كان يعمل في الخليج ، فقد أحبها جدا لدرجة أنها الوحيدة التي كان يحكي لها عن كل شئ .

 في سجل السفاح جريمة غاية في الإثارة والغرابة وهي قصة احتجازه للأستاذ الدكتور أحمد شفيق الذي له اكتشافات عديدة حول الأمراض المستعصية ، وتعود القصة  كما رواها الدكتور أنه ذات يوم فوجئ بشبان يحضران الي الفيلا مدعيان أنهم من المباحث وحضرا في موضوع مهم ، وما أن دخلا حتي قام بإشهار الأسلحة في وجهي أنا وأسرتي وقاما بتقيدنا ،وبعدها طلبا من زوجتي مفتاح الدولاب والخزنة ، وقاما أحدهم بالتفتيش ورغم أنه كان هناك ذهب وأموال إلا أنه لم يسرق منها شئ ، ثم بعد ذلك أخذني  الي غرفة المكتب وسألني عن الميكروفيلم الخاص بأبحاثي ، فقلت له أنه ليس هنا وليس في مصر أصلا ، وبعد ضغط شديد اقتنع ذلك الشاب ، وفعلا أخذ زميله وانصرف وقبل أن ينصرف طلب مني عدم إبلاغ الشرطة لأن ذلك فيه خطر علي حياته وحياة أسرته وأنهما من منظمة دولية تسعي للحصول علي أبحاثه ، فعلا لم يبلغ الشرطة إلا عندما تعرف علي صور السفاح في الصحف ، ومن الطريف أن الدكتور قال عن السفاح أنه كان مهذب وخلو قحتي في خطفه وأنه لم يسرق شئ ، واعتذر للدكتور قبل المغادرة ، ولا يعلم أحد حتي الأن سبب بحث السفاح عن أبحاث الدكتور .

أما عن الشخص الثاني الذي كان مع السفاح فهو السفاح عاطف زخاري والذي تعرف عليه أثناء سفره بالعراق ، فقد تعرف علي بعضهما هناك ونفذا معا عدد من الاغتيالات السياسية لصالح العراق ، كما أن عاطف تم ضبطه في قضايا قتل في مصر بعد عودته وينتظر حكم بالإعدام وأثناء محاكمته ساعده أحمد بأن أدخل له سلاح ناري داخل قاعة المحاكمة فأطلق عاطف بعض الأعيرة النارية في الهواء فخاف الجميع وتمكن عاطف من الهرب وكانت في انتظاره سيارة خارج المحكمة ساعدته علي الهرب .

ظل أحمد يحلم أن يكون طيارا ، ولكنه أصبح سفاحا طارت روحه الي عام 1994 بعدما نفذ فيه حكم الإعدام ، ونشرت الصحف خبر إعدام علي سفاح المهندسين  ليخد تاريخ السفاحين في مصر وفي الوطن العربي أسمه ، كما خلد فيلم السفاح ل " هاني سلامة " قصته ، رغم اعتراض بعض أفراد عائلته في بداية الأمر علي عرض الفيلم نظرا لمراكزهم الحساسة ، ولكن سرعان ما تم إقناعهم بعرض الفيلم ، فهل تتعاطف مع السفاح أم تحمله مثلي مسؤولية جرائمه كلها ؟!...


اقرأ أيضا " القذافي سفاح بولاق الدكرور "

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

يوميات محامي من الارياف

2016