مجرم بدرجة دنجوان هو الشاب الوسيم الأشبه بالإنجليز صاحب الشعر الأصفر والعيون الخضراء تمتع بالأناقة وحلاوة الروح والابتسامة التي تجذب الجميع إليه وتمتع أيضا بالروح الإجرامية واحترافية القتل دون أن يترك وراءه أثر .
سعد اسكندر عبد المسيح من أسيوط ، عمل مع شقيقه الأكبر في مصنع للغزل والنسيج ، وخلال شبابه تعرف علي أرملة ثرية وصارت بينهما علاقة غرامية محرمة ، كانت الأرملة دائما ما تعطي سعد المال الذي يطلبه إرضاء له ، حتي تمكن ذات يوم من معرفة المكان الذي تخفي فيه أموالها وقام بطعنها عدة طعنات أودت بحياتها وسرق المال واتجه الي الإسكندرية .
في حي راغب باشا بمنطقة كرموز استأجر سعد مخزن للقطن ومنتجات النسيج وبدأ نشاطه الإجرامي ، فلم يكن المخزن للعمل بقدر ما كان وقر لأعمال سعد الإجرامية ، حتي أنه في تلك الفترة بدأت ظاهرة اختفاء الفتيات من كرموز بمعدل فتاه كل أربع أو خمس أيام ، وطبعا كان وراء اختفاء هؤلاء الفتيات الشاب الوسيم سعد اسكندر ، هذه الظاهرة أشعلت فكر رجال البوليس وانتشر بسببها الخوف والذعر في مدينة الإسكندرية كلها وليس أحياء كرموز فقط ، ولا أحد يعلم وقتها كم فتاة تم اختفائها ، بدأت الصحف تكتب أخبار الفتيات يوميا ، ويتصدر العناوين أخبار سفاح كرموز ، فأصبح سفاح كرموز مادة إعلامية للصحف طوال خمسة سنوات.
بدأ خيوط الجرائم تنكشف وتتجمع لتهدي رجال البوليس الي مجرم واحد ، فقط عندما فكر السفاح الوسيم بغباء وارتكب جريمة كان لابد أن يكون بعيدا عنها كل البعد ولكن إرادة الله ، في أواخر عام 1948 كان السفاح يتردد علي فتاة تدعي فاطمة وتقيم في حي غبريال ، وقد أوهمت فاطمة الجيران بأن ذالك الشاب هو أخوها ، وذات يوم أخبرت فاطمة السفاح أنا جارتها التي تسكن في العقار المقابل في الدور الثالث وتدعي " الست بمبه " أوشكت علي التسعين من عمرها ولديها الكثير من المال ، عندها قرر السفاح في عقله أن ضحيته القادمة لن تكون فتاة صغيرة ولكنها ستكون صاحبة التسعين عام ، وفي اليوم التالي ذهب الي حي غبريال وبدلا من أن يدخل منزل فاطمة دخل منزل الست بمبه ، وطرق علي الباب وفتحته له الست بمبه .. وضع السفاح يده علي فمها وجذبها للداخل وأخرج من ملابسه ساطور وضربها أول ضربة .. صرخت الست بمبه صرخة مدوية ، فضربها الضربة الثانية فوقعت قتيله .
سارع السفاح بسرقة ما في الشقة من أموال وعند خروجه من الباب فوجئ بفتاة تدعي " قطقوطه " تسأل عن الست بمبه وعن سماعها صوتها تصرخ ، فقال لها اطمئني خيرا وهي تصلي بالداخل تفضلي ، وما أن دخلت حتي انهال علي ظهرها بالساطور فوقعت علي الأرض غارقة في دمائها .
عاد أحد أبناء الست بمبه الي المنزل ليجد الفاجعة أمامه ، يتصل بالبوليس فيحضر ويتم نقل قطقوطه الي المستشفي في حالة حرجة بين الحياة والموت ، ويشاء الله أن يتم إنقاذها لتدلي للبوليس بمعلومات القاتل وهو شقيق فاطمة ، ويتم القبض علي فاطمة وشقيقها الحقيقي الذي لا يعلم أي شئ ، وهناك تدل فاطمة البوليس علي سعد الذي يتم القبض عليه ، ولكن مع وجود أموال ومحامي قوي استطاع بدهاءه وفلسفته وتمكنه أن يثبت لقاضي التحقيق التناقض بين أقوال قطقوطه ، وأن سعد ليس شقيق فاطمة كما ادعت قطقوطه ولا تربطهما أي علاقة فهو قبطي وهي مسلمة ، فأخلي سبيل سعد بضمان مالي وبعدها اختفي لمدة عامين ، ولكن هذا السيناريو لم يعجب السفاح .
في أواخر عام 1951 استأجر السفاح شونة للغلال والحبوب علي ترعة المحمودية ، تصادف في أحد الأيام مرور تاجر للأقمشة بعربة خشب وحمار ، فنادي عليه السفاح وطلبه للدخول الي المخزن بعربته ، فدخل ولم يخرج حيث جلس يعرض ما معه من أقمشة علي السفاح الذي أستغل انحناءه لأسفل وانهال عليه بالساطور فاصلا رأسه عن جسده ، قام بعده بدفعه في أرض الشونة .
مر شهر علي قتل تاجر الأقمشة واستدرج السفاح ضحية جديدة ولا يعلم أنه سيكون أخر ضحاياه ، إنه تاجر حبوب وقد استدرجه السفاح ليبيع له بعض من الحبوب التي في شونته ، وما أن دخل التاجر الشونة حتي انهال السفاح عليه بالساطور في أماكن متفرقة من جسده ، تصادف ذلك مرور سيارة عليها حمولة عالية ، ويجلس فوق الحمولة " العتال " الذي رأي واقعة القتل من فوق سور الشونة ، فأبلغ أقرب نقطة بوليس.
حضر البوليس الي الشونة فوجد تاجر الحبوب مقتولا ومرمي علي الأرض ، كما وجدوا أثار ردم حديث في أرضية الشونة ، بالحفر فيها وجد جثة حديثة الدفن و سبعة هياكل عظمية لرجال ونساء ، تم التعرف فيما بعد علي الجثة حديثة الدفن وهي لتاجر الأقمشة ولم يتوصل أحد الي أصحاب السبعة هياكل العظمية ، ومن المفارقات في قصة سفاح كرموز أن البوليس أثناء تفتيشه لمكان سكنه بالشونة وجدوا بعض الصحف والمجلات والتي كان بها أخبار " ريا وسكينة " ووجدوا السفاح قد أشار بقلم الي خبر يكشف كيف كان يقوما " ريا وسكينة " بدفن ضحاياهم .
فر السفاح بعدما افتضح أمره وقرر أن أفضل مكان للهرب هو أن يعود الي بلدته في أسيوط ، بدأت الصحف تنشر صور السفاح ويتصدر سعد اسكندر عناوينها ، حتي عرفه الوطن العربي كله بسفاح كرموز وامتلأ الرعب في نفوس اهل الإسكندرية مرة أخري ، حتي أنه وتوقفت الصحف عن نشر أخبار الفن لتنشر أخبار سفاح كرموز اليومية ، وقصصه الإجرامية.
في أثناء عودة السفاح الي أسيوط متخفيا ويركب أتوبيس نقل ، استوقف كمين الأتوبيس للتفتيش الروتيني في أسيوط ، وكان قائد الكمين الملازم أول فخري عبد الملك الذي ما أن رأي السفاح حتي بدأ يحاول أن يتذكر أين رأه من قبل ، فوضع يده علي كتف السفاح وسأله عن اسمه فأجاب السفاح بأنه يدعي جورج عبد السلام ومن أهل المنطقة فقرر الملازم سؤاله عن اسمه فأجاب السفاح بأنه يدعي جورج عبد الملك ، وهنا فطن الملازم أول فخري للاختلاف وقام بالقبض عليه وعرف أنه سفاح كرموز الهارب .